سورة هود - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا} هو في موضع الحال أي اصنعها محفوظاً وحقيقته ملتبساً بأعيننا كأن لله معه أعينا تكلؤه من أن يزيغ في صنعته عن الصواب {وَوَحينَا} وأنا نوحي إليك ونلهمك كيف تصنع. عن ابن عباس رضي الله عنهما: لم يعلم كيف صنعة الفلك فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطير {وَلاَ تخاطبنى فِى الذين ظَلَمُواْ} ولا تدعني في شأن قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك {إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ} محكوم عليهم بالإغراق وقد قضى به وجف القلم فلا سبيل إلى كفه {وَيَصْنَعُ الفلك} حكاية حال ماضية {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ} من عمله السفينة وكان يعملها في برية في أبعد موضع من الماء فكانوا يتضاحكون منه ويقولون له يا نوح صرت بحاراً بعدما كنت نبياً {قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ} عند رؤية الهلاك {كَمَا تَسْخَرُونَ} منا عند رؤية الفلك. روي أن نوحاً عليه السلام اتخذ السفينة من خشب الساج في سنتين وكان طولها ثلثمائة ذراع أو ألفاً ومائتي ذراع وعرضها خمسون ذراعاً، أو ستمائة ذراع وطولها في السماء ثلاثون ذراعا وجعل لها ثلاثة بطون فحمل في البطن الأسفل الوحوش والسباع والهوام، وفي البطن الأوسط الدواب والأنعام، وركب نوح ومن معه في البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد وحمل معه جسد آدم عليه السلام وجعله حاجزاً بين الرجال والنساء {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ} {من} في محل النصب ب {تعلمون} أي فسوف تعلمون الذي يأتيه {عَذَابٌ يُخْزِيهِ} ويعني به إياهم ويريد بالعذاب عذاب الدنيا وهو الغرق {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ} وينزل عليه {عَذَابٌ مُّقِيمٌ} وهو عذاب الآخرة.


{حتى} هي التي يبدأ بعدها الكلام أدخلت على الجملة من الشرط والجزاء وهي غاية لقوله {ويصنع الفلك} أي وكان يصنعها إلى أن جاء وقت الموعد، وما بينهما من الكلام حال من {يصنع} أي يصنعها والحال أنه كلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، وجواب {كلما} {سخروا} {وقال} استئناف على تقدير سؤال سائل، أو {قال} جواب و{سخروا} بدل من {مر} أو صفة ل {ملأ} {إِذَا جَاء أَمْرُنَا} عذابنا {وَفَارَ التنور} هو كناية عن اشتداء الأمر وصعوبته. وقيل: معناه جاش الماء من تنور الخبز، وكان من حجر لحواء فصار إلى نوح عليه السلام. وقيل: التنور وجه الأرض {قُلْنَا احمل فِيهَا} في السفينة {مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين} تفسيره في سورة المؤمنين {وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول} عطف على {اثنين} وكذا {وَمَنْ ءامَنَ} أي واحمل أهلك والمؤمنين من غيرهم، واستثنى من أهله من سبق عليه القول إنه من أهل النار وما سبق عليه القول بذلك إلا للعلم بأنه يختار الكفر بتقديره وإرادته جل خالق العباد عن أن يقع في الكون خلاف ما أراد {وَمَا ءامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} قال عليه السلام: «كانوا ثمانية نوح وأهله وبنوه الثلاثة ونساؤهم» وقيل: كانوا عشرة خمسة رجال وخمس نسوة. وقيل: كانوا اثنين وسبعين رجالاً ونساء وأولاد نوح: سام وحام ويافث ونساؤهم، فالجميع ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء {وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} {بسم الله} متصل ب {اركبوا} حالاً من الواو أي اركبوا فيها مسمين الله أو قائلين بسم الله وقت إجرائها ووقت إرسائها، إما لأن المجرى والمرسى للوقت، وإما لأنهما مصدران كالإجراء والإرساء حذف منهما الوقت المضاف كقولهم (خفوق النجم) ويجوز أن يكون {بسم الله مجرها ومرساها} جملة برأسها غير متعلقة بما قبلها وهي مبتدأ وخبر يعني أن نوحاً عليه السلام أمرهم بالركوب ثم أخبرهم بأن مجراها ومرساها بذكر اسم الله أي باسم الله إجراؤها وإرساؤها، وكان إذا أراد أن تجري قال بسم الله فجرت، وإذا أراد أن ترسو قال بسم الله فرست: {مجريها} بفتح الميم وكسر الراء من جرى إما مصدر أو وقت: حمزة وعلي وحفص، وبضم الله الميم وكسر الراء: أبو عمرو، والباقون: بضم الميم وفتح الراء {إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ} لمن آمن منهم {رَّحِيمٌ} حيث خلصهم.


{وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ} متصل بمحذوف دل عليه {اركبوا فيها بسم الله} كأنه قيل: فركبوا فيها يقولون بسم الله وهي تجري بهم أي السفينة تجري وهم فيها {فِى مَوْجٍ كالجبال} يريد موج الطوفان وهو جمع موجة كتمر وتمرة وهو ما يرتفع من الماء عند اضطرابه بدخول الرياح الشديدة في خلاله، شبه كل موجة منه بالجبل في تراكمها وارتفاعها {ونادى نُوحٌ ابنه} كنعان. وقيل: يام. والجمهور على أنه ابنه الصلبي. وقيل: كان ابن امرأته {وَكَانَ فِى مَعْزِلٍ} عن أبيه السفينة (مفعل) من عزله عنه إذ نجاه وأبعده أو في معزل عن دين أبيه {يابنيى} بفتح الياء: عاصم، اقتصاراً عليه من الألف المبدلة من ياء الإضافة من قولك (يا بنيا). غيره بكسر الياء اقتصاراً عليه من ياء الإضافة {اركب مَّعَنَا} في السفينة أي أسلم واركب {وَلاَ تَكُن مَّعَ الكافرين قَالَ سَاوِى} ألجأ {إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الماء} يمنعني من الغرق {قَالَ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ} إلا الراحم وهو الله تعالى، أو لا عاصم اليوم من الطوفان إلا من رحم الله أي إلا مكان من رحم الله من المؤمنين، وذلك أنه لما جعل الجبل عاصماً من الماء قال له لا يعصمك اليوم معتصم قط من جبل ونحوه سوى معتصم واحد وهو مكان من رحم الله ونجاهم يعني السفينة، أو هو استثناء منقطع كأنه قيل: ولكن من رحمه الله فهو المعصوم كقوله {مالهم به من علم إلا اتباع الظن} [النساء: 157] {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج} بين ابنه والجبل أو بين نوح وابنه {فَكَانَ مِنَ المغرقين} فصار أو فكان في علم الله.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8